
انطلقت، اليوم، أشغال اللقاء الثنائي الجزائري الإسباني بالجزائر العاصمة، تحت إشراف وزير الداخلية والجماعات المحلية والنقل، السيد السعيد سعيود، ونظيره الإسباني السيد فرناندو غراندي مارلاسكا، بحضور المدير العام للأمن الوطني، المدير العام للحماية المدنية، وإطارات سامية من وزارتي داخلية البلدين.
كما حضر اللقاء ممثلون سامون عن وزارتي الدفاع الوطني، والشؤون الخارجية والشؤون الإفريقية والجالية الوطنية بالخارج، إلى جانب ممثلين رفيعي المستوى عن مختلف الأجهزة الأمنية، ما يعكس الطابع الاستراتيجي لهذا الاجتماع الثنائي الهام بين البلدين.
وخلال هذا اللقاء، أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية والنقل، السيد السعيد سعيود، في كلمته الافتتاحية، على حرص الجزائر على تعزيز علاقات التعاون مع المملكة الإسبانية، مبرزًا عمق الشراكة القائمة بين البلدين في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، خاصة ما يتعلق بالتعاون الأمني والحماية المدنية، ومكافحة الهجرة غير النظامية، والسلامة المرورية.
وفي مجال التعاون الشرطي، شهدت العلاقات الأمنية بين الجزائر وإسبانيا تطورًا نوعيًا بفضل انتظام الزيارات وتكثيف تبادل الخبرات، حيث شاركت الجزائر في المؤتمر الدولي الذي نظمته الشرطة الوطنية الإسبانية بمدريد في ديسمبر 2024، كما استقبلت وفدًا أمنيًا إسبانيًا رفيع المستوى في أوت 2025 خصص لبحث سبل مكافحة الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة. وفي هذا الإطار، تم إعداد برنامج تكوين مشترك للفترة 2025–2026 يهدف إلى تطوير قدرات الوحدات الخاصة وتعزيز آليات التصدي للهجرة غير النظامية، إلى جانب تنظيم دورات تدريبية متخصصة بإسبانيا. كما أفضى اجتماع اللجنة المشتركة للتعاون الأمني في أكتوبر 2025 إلى اعتماد تدابير تقنية وعملياتية تشمل تبادل الخبرات في كشف الوثائق المزورة، وإنشاء مراكز استخبارات متخصصة، وتبادل البيانات البيومترية والجينية، وتسريع معالجة طلبات الإنابة القضائية لاسترجاع الأموال غير المشروعة.
أما في مجال الحماية المدنية، فيستند التعاون بين البلدين إلى الاتفاق الموقّع سنة 2013، وقد تم خلال زيارة وزير الداخلية إلى مدريد في فبراير 2025 الاتفاق على تعزيز تبادل الخبرات في مجالات التدريب، والتدخل أثناء الكوارث، ومكافحة حرائق الغابات، مع التحضير لاجتماع خبراء من الجانبين لوضع خطة عمل مشتركة تُحدّد أولويات التعاون في هذا المجال الحيوي.
وفي ما يتعلق بملف مكافحة الهجرة غير النظامية، تواجه الجزائر وإسبانيا تحديات مشتركة ناجمة عن تدفقات المهاجرين غير النظاميين، وتعتمد الجزائر في هذا الشأن مقاربة شاملة تراعي الأبعاد الأمنية والإنسانية، حيث تم خلال عامي 2024 و2025 إحباط أكثر من 100 ألف محاولة عبور، وإعادة ما يزيد عن 82 ألف مهاجر إلى بلدانهم في ظروف تحفظ كرامتهم. كما تم تفكيك شبكات إجرامية عابرة للحدود وتعزيز التعاون مع المنظمة الدولية للهجرة لتسهيل العودة الطوعية، في حين يظل التنسيق الثنائي مع إسبانيا ركيزة أساسية لمعالجة هذه الظاهرة عبر تبادل المعلومات وتفعيل الآليات المشتركة لمكافحة الجريمة المنظمة المرتبطة بها.
ومن منطلق حماية المصالح الوطنية والحفاظ على الأمن القومي، تعمل الجزائر وفق مقاربة متوازنة تراعي الدواعي الأمنية والاعتبارات الإنسانية، والالتزامات الدولية ذات الصلة، بما يعكس سياستها الثابتة القائمة على عدم استخدام ملف الهجرة كورقة ضغط أو مساومة مع أي طرف، بل كمسألة إنسانية تتعلق بمعاناة أشخاص دفعتهم الظروف الاقتصادية والأزمات إلى خوض مغامرات خطيرة بحثًا عن الأمل.
وفي جانب السلامة المرورية، يشكل هذا المجال أحد محاور التعاون بين البلدين، حيث تم تبادل الزيارات بين الخبراء للاطلاع على التجارب الميدانية وتنسيق الجهود في مجالات رخص السياقة بالنقاط، وجمع وتحليل بيانات الحوادث، وتنفيذ برامج التوعية والتفتيش الميداني. وقد تُوّج هذا التعاون بزيارة وفد جزائري إلى إسبانيا في سبتمبر 2025 لاستكمال المباحثات الفنية وتوسيع آفاق الشراكة في هذا المجال.
وفي ختام اللقاء، جدد الطرفان التزامهما بمواصلة العمل على تعزيز الشراكة الثنائية بما يخدم المصالح المشتركة، ويُرسخ أسس التعاون المثمر القائم على المنفعة والاحترام المتبادل، مع الانفتاح على دراسة المبادرات والمقترحات الجديدة التي من شأنها دعم هذا المسار البنّاء بين الجزائر وإسبانيا.
















