
في أجواء احتفالية احتضنتها مكة المكرّمة خلال تدشين المنصة الإلكترونية الجديدة لرابطة العالم الإسلامي، قدّم الدكتور مبروك زيد الخير، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر، رؤية شاملة حول الدور الحيوي للتكنولوجيا في صون التراث العربي والإسلامي وإعادة ربطه بالأجيال الصاعدة.
خلال كلمته، أبرز الدكتور زيد الخير أن اختيار مكة، “مهد الوحي ومنطلق النور”، يمثل بحد ذاته رسالةً قوية بأن المستقبل لا ينفصل عن الجذور، وأن من هذه البقعة الطاهرة يمكن إطلاق مشروع معرفيّ يفتح أبواب “نهوض علمي وحضاري فائق”. واعتبر المنصة الإلكترونية مبادرة ريادية تهدف إلى جمع ملايين المخطوطات والعلوم المكتوبة باللغة العربية، وتوفيرها بصيغة عصرية تحفظها من الضياع وتضعها في متناول الباحثين والمهتمين.
كما شدّد المتحدث على أن الرهان الكبير اليوم هو الربط بين الأصل والعصر، عبر تسخير أدوات التكنولوجيا لـ”استنطاق قوادم التراث وخوافيه” وتحويل الكم الهائل من البيانات إلى معرفة راسخة تسهم في بناء وعي حضاري متين. ورأى أن الفجوة المتسعة بين التراث والمعاصرة ليست قدراً محتوماً، بل يمكن ردمها من خلال مشاريع رقمية رصينة تُعيد الاعتبار للمعرفة الأصيلة في قالب حديث.
وفي سياق تحذيره من التحديات التي يفرضها العصر الرقمي، أشار الدكتور زيد الخير إلى مخاطر القطيعة الثقافية ومحاولات تشويه صورة الإسلام في الغرب، مؤكدًا أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تكوين أجيال قادرة على التكيّف الواعي مع التكنولوجيا، وتحويلها إلى وسيلة لحماية الهوية لا إلى باب للاختراق الفكري. ودعا إلى بناء “شخصية ذاتية رصينة ذات تكوين مرجعيّ” قادرة على الدفاع عن قيم الأمة بقوة علمية وحضور فكري.
واختتم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى كلمته بالتأكيد على أن نجاح هذه المنصة المعرفية يتطلب يقظة ضمير جماعية، وسواعد أمناء أصحاب بصائر رشيدة، ليكون المشروع لبنة حقيقية في جسر يصل الماضي العريق بمتطلبات المستقبل.














