الحدثالعالم

Modern Diplomacy : محاولة إغلاق ملف الصحراء الغربية فشل وحق تقرير المصير مستمر

التطبيع مع إسرائيل كشرط للاعتراف بالسيادة المغربية

أكد الصحفي كمال فاضل من المنصة الإعلامية “Modern Diplomacy ” أن قضية الصحراء الغربية تظل واحدة من أطول النزاعات غير المحلولة في إفريقيا، مشيراً إلى أن محاولات بعض الدول القوية في أكتوبر 2025 لإنهاء الملف لصالح المغرب في مجلس الأمن فشلت، وأن القرار 2797 الذي اعتمده المجلس شدد على ضرورة حل سياسي عادل ومتفق عليه يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.

وقال الصحفي كمال فاضل في مقاله الصادر يوم 20 نوفمبر 2025 بعنوان ” What the UN Resolution 2797 Means for Western Sahara “ أي ” ماذا يعني قرار الأمم المتحدة رقم 2797 بالنسبة للصحراء الغربية” أن مجموعة من الدول القوية حاولت خلال شهر أكتوبر 2025 أن تفعل في غضون بضعة أيام ما فشلت خمسون سنة من الاحتلال والحرب والقمع في تحقيقه اي إغلاق ملف الصحراء الغربية لصالح المغرب في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وذلك باستخدام تكتيكات دبلوماسية شبيهة بالبلتزكريغ، دفع حلفاء المغرب بمشروع قرار ‘صفر’ مؤيد بشدة للمغرب كانوا يأملون تمريره كأمر واقع، مشيراً أنه لو تم اعتماده دون تغيير، لكانت قضية الصحراء الغربية قد اقتربت أكثر من محوها كمسألة تصفية استعمار وإعادة تعريفها كشأن داخلي مغربي. بدلاً من ذلك -يضيف الصحفي-في 31 أكتوبر 2025، اعتمد المجلس القرار 2797 بعيداً عن المصادقة على مزاعم المغرب، كما أكد النص النهائي كل قرارات مجلس الأمن السابقة بشأن الصحراء الغربية وأعاد تأكيد حقيقة أساسية ” أي حل سياسي يجب أن يكون عادلاً ومقبولاً من الطرفين ومتوافقاً مع مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.”

وأشار الصحفي في مقاله إلى أن العديد من أعضاء المجلس دفعوا ضد المشروع الأولي الذي وزعته الولايات المتحدة، والذي كان متوافقاً بشكل وثيق مع موقف المغرب، كما أعادت تعديلاتهم النص إلى الإطار القانوني الذي حكم هذه القضية لعقود، النتيجة ليست مثالية، لكنها لا لبس فيها الصحراء الغربية لا تزال عملية تصفية استعمار غير مكتملة. إنها ليست نزاعاً محسومًا، وليست للمغرب ليبتلعها، لو كان المجلس قد أقر المشروع المبكر، لكان قد تعرض لخطر أن يصبح نسخة القرن الحادي والعشرين لمؤتمر برلين، غرفة تعيد فيها القوى الكبرى رسم خريطة إفريقيا دون حضور الأفارقة.”

وقال أيضاً: “في 1884–1885، قسمت الدول الأوروبية قارة بأكملها بطرق لا تزال تشكل حدودها، الخطر اليوم أكثر دقة لكنه ليس أقل خطورة..مستقبل الصحراء الغربية قد يُكتب مرة أخرى بحبر أجنبي، هذه المرة على ورق رسمي للأمم المتحدة.”

وأكد الصحفي مستدلا بالقوانين الأممية” : “من الناحية القانونية، وضع الصحراء الغربية واضح. لا تزال مدرجة لدى الأمم المتحدة كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، أحد آخر الأقاليم في انتظار تصفية الاستعمار. يعترف القانون الدولي بأن الشعب الصحراوي يمتلك حقاً لا يمكن التنازل عنه في تقرير المصير والاستقلال.”

وتابع مستدلاً من وقائع تاريخية يشهد لها العالم : “عندما انسحبت إسبانيا في 1975، لم تنظم الفعل المطلوب لتقرير المصير، بدلاً من ذلك، قسمت الإقليم بين المغرب وموريتانيا، انسحبت موريتانيا لاحقًا، أما المغرب فلم يفعل، حيث أدى احتلاله العسكري إلى حرب طويلة مع حركة التحرير الصحراوية، جبهة البوليساريو.”

وأضاف: “أنشأ وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في 1991 بعثة المينورسو، بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، اسم البعثة يذكّر بالالتزام الدولي: استفتاء يختار فيه الصحراويون بين الاستقلال والاندماج مع المغرب. هذا الاستفتاء لم يحدث أبداً.”

وتأسف الصحفي عن وضع الشعب الصحراوي المحتل: “اليوم، يعيش حوالي 200,000 صحراوي في مخيمات اللاجئين قرب ولاية تندوف بالجزائر، في ظروف قاسية، منتظرين التصويت الذي وُعدوا به، في الإقليم المحتل، يواجه الصحراويون القمع المنهجي وقيوداً صارمة على التعبير السياسي، ومع ذلك، فهم الشعب الوحيد الذي لا يملك مقعداً على الطاولة التي يُناقش فيها مستقبله.”

التطبيع مع إسرائيل كشرط للاعتراف بالسيادة المغربية!!

وهنا تطرق الصحفي إلى أكبر صفقة خيانة لقضية عربية ارتكبها نظام المخزن ضد الشعب الفلسطيني من أجل مآربه الإستعمارية، حيث عاد كمال فضل قليلا للوراء لفهم خيوط التآمر “لا يمكن فهم الوضع الحالي بدون اعتراف الإدارة الأمريكية في 2020 بـ’السيادة المغربية على كامل الإقليم’ مقابل تطبيع المغرب مع إسرائيل”. كما أكد أن هذا الأمر ” قلب عقوداً من الالتزام الأمريكي بقيادة الأمم المتحدة لتقرير المصير وأشار إلى أن المسائل الإقليمية يمكن أن تُتداول مرة أخرى كعملة دبلوماسية. دعم مقترح المغرب للحكم الذاتي هو التعبير السياسي عن تلك الصفقة. يُسوَّق على أنه حل براغماتي، لكنه يقوم على قبول السيادة المغربية مسبقًا، وإلغاء خيار الاستقلال، وإعادة تعريف تقرير المصير على أنه التصديق على الضم. حل يستبعد الاستقلال ليس تقريراً حقيقياً للمصير، إنه تقنين للغزو.”

وأشار الصحفي إلى أنّ “أولئك الذين يصرون على أن الاستقلال ‘غير واقعي’ يرفعون القوة الخام فوق القانون، كما حذر علماء مثل ستيفن زونس، فإن قبول الحكم الذاتي كحل نهائي سيشكل لحظة غير مسبوقة: المجتمع الدولي سيصادق على توسيع دولة لأراضيها بالقوة بعد 1945. سيلاحظ كل طامع في الأراضي حول العالم هذا.”

وأكد: “هذا الادعاء بأن الدبلوماسية يجب أن تتوافق مع القوة وليس مع المبدأ يغلف الاستسلام بالبراغماتية. ‘الواقعية’ التي تتجاهل القانون والحقوق ليست واقعية، بل تواطؤ. النظام القانوني بعد 1945 بني لإنهاء فكرة أن الحرب والضم طرق مقبولة لتغيير الحدود. تقويض هذا في الصحراء الغربية لا يجعل العالم أكثر أمانًا، بل يطبّع السلوك نفسه الذي تدعي هذه الدول معارضته في أماكن أخرى.” وشدّد قائلاً : “المقترح ليس خطة سلام ‘الحل’ الذي يكتبه طرف ويسلمه للآخر كخيار وحيد مقبول ليس تفاوضاً، إنه إنذار بالاستسلام.”

وتابع الصحفي موجها كلمة قوية للرئيس ترامب : “لا يزال هناك وقت ومسار للولايات المتحدة لاستعادة دور بناء في حل النزاع، بالنسبة للرئيس ترامب، توفر مسألة الصحراء الغربية فرصة نادرة للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ، لدعم المبدأ الذي دافعت عنه الولايات المتحدة سابقاً في تقرير المصير، ولإعادة السياسة الأمريكية إلى موقف الحياد والاحترام للقانون الدولي.”

وأكد: “لعقود، دعمت الإدارات الأمريكية العملية الأممية واعتبرت الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار وليست ورقة مقايضة، إعادة هذا الموقف المبدئي لن تصحح فقط الانحراف الذي وقع عام 2020، بل ستؤكد التزام الولايات المتحدة بعالم لا تُغير فيه الحدود بالقوة، ولا تُسحق فيه حقوق الشعوب الصغيرة أمام طموحات الدول الكبيرة.”

وقال: “إذا أعاد ترامب الولايات المتحدة إلى هذا الدور التاريخي، داعماً حلاً عادلاً ودائماً ومبنيًا على تقرير المصير، فإنه سيحقق ما عجزت عنه إدارات عديدة قبله، وسيُذكر كرئيس ساهم في حل واحدة من أطول قضايا تصفية الاستعمار وأكثرها وضوحًا، وسيُذكر كقائد اختار القانون على المصالح الآنية، والمبدأ على الضغط، و’داود’ على ‘جالوت’.”

وأشار إلى وجود حل قائلاً “هناك فرصة نادرة لتصحيح خطأ تاريخي، لإنهاء نزاع هزم رؤساء وزراء وأمناء عامين للأمم المتحدة، وجلب العدالة لشعب صغير ومسالم وطويل المعاناة. الوقوف مع حق الصحراويين في تقرير المصير ليس خيارًا أخلاقيًا فقط، بل خيار يتوافق مع قيم الولايات المتحدة ومصالحها، أي شيء آخر، أي دعم لمنطق الغزو أو محاولة فرض الخضوع تحت اسم الحكم الذاتي، سيكون فعلاً سياسياً لن ينساه التاريخ ولن يغفره الشعب الصحراوي.”

وأكد: “وراء كل نقاش في نيويورك هناك بشر يعيشون تحت الاحتلال، في مخيمات اللاجئين والمنفى، منتظرين التصويت الذي وُعدوا به منذ عقود. الشعب الصحراوي لا يطلب معاملة خاصة، بل الحق نفسه الذي ساعد في إنهاء الاستعمار من آسيا إلى إفريقيا.. الحق في تقرير المصير بحرية..ما كان صحيحاً لشرق تيمور وناميبيا صحيح للصحراء الغربية.”

وقال أيضاً بكلمات قوية “التاريخ يثبت أن القوى الاستعمارية تبدو ثابتة ثم تنهار فجأة، تيمور الشرقية وناميبيا وإريتريا تظهر أن القمع والهندسة الدبلوماسية لا يستطيعان القضاء على مطالبة شعب بالحرية. في كل حالة، المجتمع المدني العالمي أكثر من القوى الكبرى ساعد على تغيير الموازين.”

وأشار: “الشعب الصحراوي مصمم على استعادة وطنه، لكن التصميم وحده لا يكفي لمواجهة الدبابات والطائرات المسيرة والجدار الرملي الذي يبلغ 2,700 كيلومتر والسجون والصفقات الدبلوماسية، وهناك حاجة ملحة لتضامن دولي أقوى ليس فقط دعماً لقضية عادلة بل دفاعًا عن النظام الدولي نفسه. النضال الصحراوي اليوم يمثل الخطوط الأمامية لحماية حق تقرير المصير والمبادئ التي بُنيت عليها الأمم المتحدة.”

وأكد أنّ: “الوقوف مع الصحراء الغربية يعني الدفاع عن قاعدة أن الحدود لا تتغير بالقوة وأن الاستعمار لا يعاد تسويقه تحت اسم الحكم الذاتي. على الدول التي تدعي الدفاع عن ‘النظام الدولي القائم على القواعد’ أن تطابق أقوالها بالأفعال: رفض الاعتراف بالسيادة المغربية، دعم استفتاء حر وعادل يشمل خيار الاستقلال، وضمان تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بدلاً من إعادة تدويرها دون تنفيذ.”

ودعا الصحفي في مقاله مؤكداً أن “للمجتمع المدني وشبكات التضامن دور أيضاً من المناصرة إلى الدعم المادي للمؤسسات الصحراوية ومخيمات اللاجئين، مجلس الأمن ليس مخوّلاً لتأييد احتلال غير قانوني وتسويغه على أنه تصفية استعمار”. مضيفاً” القيام بذلك سيكون انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة، خصوصاً المادة 24، فبموجب الميثاق وقانون تصفية الاستعمار، مجال تحرك المجلس مقيد بحق تقرير المصير، وهو حق آمر لا يمكن تجاوزه. تنص المادة 24(2) على وجوب عمل المجلس وفق مقاصد الميثاق بما في ذلك تقرير المصير، وأن قراراته لا يمكن أن تقلل من القواعد الآمرة.”

وأكد الصحفي كمال فضل من “Modern Diplomacy ” “تبقى تصفية الاستعمار الطريق القانونية الوحيدة لإنهاء النزاع، والسؤال الأساسي بسيط: هل لا يزال المجتمع الدولي يؤمن بحق الشعوب، وخاصة المستعمرة، في اختيار مستقبلها؟ إذا كان الجواب نعم، فإن السيادة في الصحراء الغربية تبقى قانوناً ومبدئياً للشعب الصحراوي. لقد رُسمت خريطة إفريقيا ذات يوم بحبر إمبراطوري. وختم قائلاً ” ما إذا كانت الصحراء الغربية ستظل آخر أثر لذلك العصر أو ستصبح جزءاً من مستقبل مختلف يعتمد على ما إذا كان العالم سيصر على أن تصفية الاستعمار تعني فعلاً ما تقول.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: