
أكد وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، السيد أحمد عطاف، أن اللائحة الأخيرة لمجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء الغربية أعادت التأكيد بوضوح على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، من دون ربطه بما يسمى “الحكم الذاتي”، وهو الربط الذي كان المغرب يسعى إلى ترسيخه. وأوضح أن ممارسة حق تقرير المصير أصبحت من جديد قائمة على الشرعية الدولية، والميثاق الأممي، واللائحة 1415 التي تشكل المرجع القانوني لحق الشعوب في تصفية الاستعمار.
وأشار السيد عطاف، في حوار مع قناة الجزائر الدولية، إلى أن اللائحة الأممية الأخيرة بيّنت بشكل ضمني طبيعة أطراف النزاع، من خلال التأكيد على أن القضية تتعلق بالمغرب وجبهة البوليساريو، وهو ما ينهي محاولات إظهار النزاع على أنه خلاف جزائري ـ مغربي، وأكد بالمناسبة أن هذا التطور يضع القضية في إطارها الصحيح على المستوى الدولي.
كما كشف الوزير أن المغرب حاول، خلال جلسة مجلس الأمن الأخيرة، فرض مشروع “الحكم الذاتي” كإطار وحيد لحل النزاع، والسعي نحو تغيير أو إنهاء عهدة بعثة المينورسو، والتخلص من مبدأ الاستفتاء، غير أن هذه المساعي لم تُكلل بالنجاح. وأبرز في هذا السياق تصريحًا هامًا للمستشار الأمريكي مسعد بولس، الذي أكد أن الحكم الذاتي لم يعد الخيار الوحيد، وأن الحل يجب أن يتم بين طرفي النزاع مع ضرورة استشارة الشعب الصحراوي عن طريق التصويت، وهو ما اعتبره السيد عطاف تأكيدًا إضافيًا على مرجعية مبدأ تقرير المصير.
وفي تعليقه على امتناع الجزائر عن التصويت على اللائحة الأممية، أوضح الوزير أن الجزائر كانت على وشك التصويت لصالح القرار، غير أن وجود عبارة مرتبطة بـ”السيادة المغربية” في ديباجة النص حال دون ذلك، وقال إن الجزائر طلبت حذف هذه الإشارة قبل يوم من التصويت، وإن هذا التعديل تم لاحقًا.
وفيما يتعلق بالدور الأمريكي، شدّد السيد عطاف على أن الولايات المتحدة تبدي اليوم استعدادًا للعودة إلى العمل من داخل الأمم المتحدة، بوصفها الإطار الشرعي لمعالجة قضايا تصفية الاستعمار، بما في ذلك الصحراء الغربية، معتبرًا أن هذا التطور يعكس تمييزًا بين الموقف السياسي الوطني لواشنطن وموقفها كوسيط دولي.
كما أكد الوزير أن الجزائر ظلت ثابتة على مبدأ دعم الشعوب في ممارسة حقها في تقرير المصير، موضحًا أن هذا المبدأ يشكل أحد الركائز الأساسية للدبلوماسية الجزائرية منذ استقلالها، وأن القضية الصحراوية لا يمكن أن تُستثنى من هذا الحق، شأنها شأن باقي القضايا التي ما زالت مدرجة ضمن مسار تصفية الاستعمار على مستوى الأمم المتحدة.
وفي سياق آخر، أكد السيد عطاف أن الجزائر لم تتخلّ يومًا عن التزامها تجاه القارة الإفريقية، مشيرًا إلى أن رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، يمنح إفريقيا مكانة خاصة داخل أولويات السياسة الخارجية الجزائرية، وأن هذا التوجه تُرجم عبر مبادرات ملموسة، من بينها تنظيم معرض التجارة البينية الإفريقية الذي حقق نتائج ملموسة ونجاحا باهراً على المستويين الاقتصادي والدبلوماسي.
أما بخصوص قرار البرلمان الفرنسي المتعلق بإلغاء اتفاقية 1968، فقد أوضح السيد عطاف أن هذه المسألة تظل في الوقت الحالي شأنًا داخليًا فرنسيًا بين الحكومة والجمعية الوطنية، مؤكدًا أن الجزائر لم تتلقَّ أي إشعار رسمي من الجانب الفرنسي. وقال في هذا الصدد إن الموضوع لا يستدعي تعليقًا من الجزائر ما لم يتحول إلى ملف بين حكومتين، باعتبار أن اتفاقية 1968 هي اتفاقية دولية لا يمكن التعامل معها إلا عبر القنوات الرسمية.














