توجت زيارة الدولة التي قام بها صاحب الجلالة سلطان عُمان هيثم بن طارق إلى الجزائر يومي 04 و05 ماي 2025، ببيان مشترك صدر عقب محادثات رسمية مع رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، عبّر عن عمق العلاقات الأخوية بين البلدين وتوافق رؤاهما حول القضايا الإقليمية والدولية.
الزيارة التي جاءت بدعوة من الرئيس تبون، عرفت استقبالًا رسميًا رفيع المستوى، عبّر خلاله الرئيس عن ترحيبه بجلالة السلطان، مشيدًا بروابط الأخوة والتعاون التي تجمع الجزائر وسلطنة عمان. وبدوره، عبّر السلطان هيثم بن طارق عن سعادته بهذه الزيارة، وثمّن حفاوة الاستقبال وعمق العلاقات الثنائية.
في أجواء من التوافق، أجرى قائدا البلدين محادثات معمقة على انفراد، تناولت سبل تعزيز التعاون الثنائي، كما ترأسا اجتماعًا موسعًا جمع وفدي البلدين. وأشاد الطرفان بما تحقق خلال السنوات الأخيرة، لاسيما بعد زيارة الرئيس تبون إلى مسقط في أكتوبر 2024، وانعقاد الدورة الثامنة للجنة المشتركة في الجزائر في جوان 2024.
كما نوه الجانبان بالخطوات التي قام بها الطرفان تنفيذا لهذه المخرجات زيارة السيد رئيس الجمهورية ولما تم الاتفاق عليه خلال الدورة الثامنة للجنة المشتركة.
وأكد قائدا البلدين على مواصلة العمل لتعزيز علاقات التعاون والشراكة والارتقاء بها إلى آفاق رحبة تعكس الإرادة التي تحذوهما، وبما يتوافق والإمكانيات التي يزخر بها البلدان.
ففي مجال الاستثمار، عبّر الجانبان عن تشجيعهما للمشاريع الاستثمارية المشتركة للقطاعين العام والخاص، والتي ستضاف إلى سجل الشراكة الناجحة في إنتاج المخصبات والأسمدة والأمونياك واليوريا، بالمنطقة الصناعية بأرزيو، بقيمة 2.4 مليار دولار. كما أشادا، في هذا الصدد بالاتصالات الجارية لتجسيد مشاريع في مجال صناعة السيارات والطاقة والأدوية وغيرها وطالبا بالتعجيل بتجسيدها وضرورة استكشاف مجالات أخرى للشراكة والتعاون وتبادل المنافع والمصالح بين البلدين الشقيقين.
وثمّن الجانبان إنشاء “الصندوق الجزائري العماني للاستثمار” باعتباره أداة لتمويل الاستثمارات المشتركة بين البلدين الشقيقين والرفع من حجمها وضمان تنوعها وتوسعها لكافة المجالات.
وبخصوص المبادلات التجارية، أسدى القائدان توجيهاتهما السامية لتكثيف الجهود المشتركة من أجل الرفع من حجمها وتطويرها باستغلال القدرات الاقتصادية والتجارية المتوفرة لدى البلدين. ونوها، في هذا السياق، بمخرجات ندوة رجال الأعمال المنعقدة بالجزائر بتاريخ 11 جوان 2024، والتي حضرها رجال الأعمال والشركات من البلدين. كما نوها باختيار سلطنة عمان ضيف شرف للطبعة 56 لمعرض الجزائر الدولي الذي سينظم من 23 إلى 28 جوان 2025، وباختيار الجزائر ضيف شرف النسخة السابعة لمعرض عمان للزراعة والثروة السمكية والغذاء (Oman Agrofood) التي ستنظم في الفترة من 01 إلى 03 ديسمبر 2025.
كما رحب الجانبان بالتوقيع على مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية للتعاون في مجال العدل والشؤون القانونية والاستثمار والزراعة والثروة السمكية والصناعة الصيدلانية والطاقة والمنجم والعمل والتشغيل.
كما أشاد القائدان بعمق الروابط الإنسانية التاريخية والثقافية التي تجمع الشعبين الشقيقين وأشادا بالدور المتميز الذي تضطلع به الجالية الجزائرية في سلطنة عمان ودورها في تعزيز العلاقات الثنائية.
وفي ما يتعلق بالقضايا التي تهم البلدين الشقيقين على الساحتين الإقليمية والدولية تبادل القائدان وجهات نظرهما حول مستجداتها، مؤكدين حرصهما على العمل على تنسيق مواقف بلديهما حول هذه القضايا، بما يتماشى ومبادئ سياستهما الخارجية، وبما يخدم مصالحهما ومصالح الأمتين العربية والإسلامية، ويعزز دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
فيما يخص الأوضاع في العالم العربي، أكد القائدان على ضرورة مواصلة العمل، بالتنسيق مع أشقائهم العرب سواء على المستوى الثنائي أو ضمن إطار جامعة الدول العربية، لتعزيز مسيرة العمل العربي المشترك ولمواجهة التهديدات والتحديات المتعددة الأوجه، التي تهدد أمنها واستقرارها.
كما تطرق القائدان إلى الأوضاع المأساوية في فلسطين، وعبّرا عن استهجانهما واستنكارهما الشديدين لحرب الإبادة وسياسة الأرض المحروقة التي تنتهجها سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وما خلفته من مآسي غير مسبوقة فضلا عن الدمار المروع الذي طال البنية التحتية الحياتية من مستشفيات ومدارس ودور العبادة في القطاع. وطالبا المجتمع الدولي، لاسيما مجلس الأمن للاضطلاع بمسؤولياته لوقف فوري للحرب على غزة وإيجاد تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبدأ حل الدولتين، بما يكفل للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس.
وقد أشاد الجانب العماني بالمساعي الحثيثة والجهود المكثفة التي تقوم بها الجزائر دفاعا عن القضية الفلسطينية في مجلس الأمن باعتبارها عضوا فيه، ممثلا عن المجموعة العربية.
ونوه الجانب الجزائري بالدور البناء الذي تضطلع به سلطنة عمان للتوسط بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، مشيدا بالنهج الذي تتبناه الدبلوماسية العمانية في حل الخلافات بالطرق السلمية والحوار والاحتكام إلى الحكمة لفض النزاعات الإقليمية والدولية.
وفي ختام الزيارة أعرب جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم عن شكره وامتنانه لما لقيه والوفد المرافق من حسن الاستقبال وكرم الضيافة، متمنيا لأخيه السيد الرئيس عبد المجيد تبون دوام الصحة والعافية، وللجزائر المزيد من التقدم والازدهار.