الحدث

كلمة وزير الخارجية خلال اشغال الدورة 161 بجامعة الدول العربية

"الجزائر جعلت من القضية الفلسطينية شُغلها الشاغل و عنوان جميع تحركاتها منذ انضمامها لمجلس الأمن"

حمرة فوزية 

القاهرة- ألقى وزير الخارجية، السيد أحمد عطاف، اليوم الأربعاء، كلمة قوية على هامش مشاركته في أشغال الدورة (161) لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري،بخصوص القضية الفلسطينية مؤكدًا أن الجزائر جعلت من القضية  شُغلها الشاغل و عنوان جميع تحركاتها منذ انضمامها لمجلس الأمن.

وجاء النص كاملًا لوزير الخارجية كالآتي : 

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على نبيه الصادق الأمين

1- شكراً السيد الرئيس لكم من هذا الوفد أطيب التهاني والتبريكات على توليكم  رئاسة مجلسنا، ولكم منا كل الدعم والسند في أداء مهامكم النبيلة.
2- إن المرحلة الراهنة تقتضي إجراء تقييم موضوعي لمدى استجابتنا كجامعة  لاستنجادات واستغاثات أشقائنا الفلسطينيين، ومدى وفائنا بالتزاماتنا التاريخية تجاههم، لا سيما وهم يواجهون نكبةً أخرى بعد النكبة الكبرى.
فأضعف الإيمان أولاً هو الارتقاء بالموقف العربي جرأة وشجاعةً وإقداماً، حتى يكون في مستوى التضحيات الجسام والصمود الأسطوري لأهلنا في قطاع غزة.
وأضعف الإيمان ثانياً هو استعادة الموقف العربي لدوره الريادي في الدفاع عن القضية المركزية لؤمتنا العربية والإسلامية، حتى تحذوَ حذوَه بقية المجموعة الدولية التي تعتبر موقفنا بمثابة بوصلةٍ تحتكمُ إليها وتستأنس بها.
وأضعف الإيمان ثالثاً هو تثبيت الموقف العربي تجاه المحتل الإسرائيلي دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً مثلما بادر بذلك الاتحاد الإفريقي في قمته الأخيرة، حتى نستدرك ما فاتنا من خطوات ومبادرات من شأنها حشد الضغط الدولي في مواجهة العدوان الإسرائيلي الهمجي وما خلفه من كارثة إنسانية غير مسبوقة.
3- ومن هذا المنظور، فإن المستوى الأول من الأولويات يحتم علينا كجامعة اتخاذ إجراءات عملية وتكثيفَ جهودنا الجماعية من أجل وقف حمام الدم والإبادة الجماعية، ووضع حد لجرائم متعددة الأنواع والأصناف التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
4- في هذا الإطار، وبتعليمات صارمة من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، فإن الجزائر التي جعلت من القضية الفلسطينية شُغلها الشاغل و عنوان جميع تحركاتها منذ انضمامها لمجلس الأمن، ستواصل جهودها ومساعيها، وستكرر  المحاولة تلوالمحاولة، حتى يقوم هذا المجلس بتحمل المسؤوليات المنوطة به تجاه الشعب الفلسطيني كاملةً غير محتشمة، وغير مترددة، وغير مبتورة.
5- أما المستوى الثاني من الأولويات، والتي يقع علينا كمجموعة عربية الدفع بها اليوم قبل الغد، فتتمثل في ضرورة بل حتمية المساهمة الفعلية في هدم جدار الحصانة الذي طالما احتمى به الاحتلال، وانتفع في ظله بنظام خاص من التفضيلات والتمييزات والاستثناءات تنطبق عليه دون غيره.
 
6- ومن هذا المنطلق، ترحب الجزائر أيما ترحيب بالزخم الذي ولدته مختلف المبادرات المتخذة من لدن الدول الشقيقة والصديقة على مستوى الهيئات القضائية الدولية.
كما تؤيد بلادي ضرورة التحرك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار إجراء عقابي بتجميد عضوية إسرائيل، استلهاماً من التدابير التاريخية التي اتخذتها منظمتنا الأممية تجاه نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا إلى يوم زواله واندثاره.
7- أما المستوى الثالث والأخير من الأولويات، فيرتبط تمام الارتباط بضرورة تعزيز أفق الحل السياسي ودحض ما يتم الترويج له حاضراً من قبل الاحتلال الإسرائيلي حول “مستقبل غزة”.
8- ففي وجه الأطروحات الإسرائيلية التي يتم التسويق لها تحت عنوان “غزة ما بعد الحرب”، نعتقد بكل أمانة وصدق أن الموقف العربي يجب أن يؤكد على ثلاثة ثوابت وضوابط أساسية لا مناص منها:
أولاً، أنوه لا مستقبل لغزة غير ذلك الذي يحدده الفلسطينيون أنفسهم ومن هذا المنظور، فإنه من الأهمية بمكان أن تحتم استقلالية القرار الفلسطيني، وأن تحترم الإرادة الفلسطينية، وأن يُحترم الحق الفلسطيني.
ثانياً، أَنَّ مستقبل غزة ليس ذلك الذي يريد الاحتلال رسمه على مقاسه وعلى شكلٍ يُريحه ويُخضعه لتدابير لا تَخدُمه إلا هو.  فمستقبل غزة هو ذلك الذي يَستند إلى الشرعية الدولية ويُعجل بإحياء مسار السلام الشامل والعادل والنهائي للصراع العربي-الإسرائيلي ويستجيب للمطلب الوطني المشروع للشعب الفلسطيني.
ثالثاً وأخيراً، أنه لا مستقبل لغزة إلاَّ في حضن الدولة الفلسطينية المستقلة والسيدة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف. وليعلم الاحتلال الإسرائيلي أن لا “فيطو” له بشأن إقامة الدولة الفلسطينية، وأن هذه الدولة قد أسَّسَتْ لها الأمم المتحدة منذ 76 سنةً خلت، وأَنَّ الشرعية الدولية تَرْعَى وتَحْمِي بَعْثَ قيام الدولة الفلسطينية من جديد، وأَنَّ الإجماع الدولي الذي لا تشوبه شائبة بهذا الشأن يَقِفُ دعماً وسنداً للمشروع الوطني الفلسطيني.
9- وتكريساً لهذه القناعات الراسخة حول ضرورة تحصين المشروع الوطني الفلسطيني، تدعو الجزائر إلى مباشرة الإجراءات الضرورية لتمكين دولة فلسطين الشقيقة من الحصول على العضوية الكاملة بمنظمة الأمم المتحدة.
10- وهو التوجه الذي لم يعد مطلباً محصوراً في النطاق الفلسطيني أو العربي فحسب، بل تعدى ذلك بكثير بعد أن تبنته كل من حركة عدم الانحياز ومنظمة الاتحاد الافريقي ومنظمة التعاون الإسلامي.
11- ومُجمَلُ القول هنا، أن حجم المسؤولية التاريخية المُلقاة على عاتقنا كبيرٌ كِبَرَ واجباتنا في نُصرة أشقائنا الفلسطينيين، فهم أصحاب حقٍ راسخ، وحُماة قضيةٍ عادلة، وحَفَظَةُ مشروعٍ وطني شرعي ومشروع، نَثِقُ تمام الثقة أنه سيجد لا محالة طريقه إلى النفاذ مَهْمَا الْتَوَتْ الطُرُق، ومهما تعددت العقبات والعراقيل، ومهما تعاظم كَيْدُ الكائدين ومَكْر الماكرين.
12-  وشكراً السيد الرئيس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!