الحدث

كلمة الوزير عطاف إحتفاء بمناسبة يوم الدبلوماسية الجزائرية

الموقع

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على نبيّه الصادق الأمين

السيدات والسادة رؤساء وممثلو الهيئات والمؤسسات الوطنية،
 أصحاب السعادة، رؤساء البعثات الدبلوماسية وممثلو المنظمات الدولية والإقليمية المعتمدة لدى الجزائر، السيدات والسادة إطارات وموظفو وزارة الشؤون الخارجية، السيدات والسادة أعضاء الأسرة الإعلامية،
نلنتئم وإياكم في هذا الجمع  الكريم لنحتفيَ سوياً بيوم الدبلوماسية الجزائرية، هذا اليوم الذي يُلازمُ تاريخَ انضمام الجزائر إلى منظمة الأمم المتحدة ذات الثامن أكتوبر منذ اثني  وستين (62) عاماً خلت.
 وهو ذات اليوم الأغر الذي رُفِعَت فيه الرايةُ الوطنية شامخةً في الصرح الأممي، لِتُرَسِّمَ عودةَ الجزائر إلى الحياة الدولية من واسع أبوابها، كدولة كاملةٍ ومُكتملة السيادة، وكدولةٍ افتكّت استقلالَها ومكانتها  بتضحياتٍ قلّ نظيرها في تاريخ الأمم، وكدولةٍ ألهمت المعمورة برمتها بثورةٍ تحريريةٍ مظفرة جعلت منها مرجعا في دحرِ الاستعمار وفي إعلاءِ حق الشعوب في تقرير مصيرها.
إنّ اقتران يومِ الدبلوماسية الجزائرية بيومِ انضمامِ الجزائر لمنظمة الأمم المتحدة، لم  يكن من قبيل الصدفة، وَلاَ من فعل الظروف العابرة  أو العرضية. بل إن اقْتِرَانَ هذين المعلمين  هو نتاج العلاقة  المتميزة والمتفردة  بين الجزائر ومنظمة الأمم المتحدة: علاقةٌ بُعِثَتْ من روح نوفمبر الخالدة التي جعلت من القضية الجزائرية أَوَّلَ قضيةِ تصفيةِ استعمار ٍيتم ادراجها على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة،
وعلاقةٌ تَجَلَّتْ فيما قدَّمتهُ الثورةُ الجزائرية من اسهامات لتكريس حق الشعوب المستعمرة في تقرير مصيرها، وفي مقدمة هذه الإسهامات اللائحة التاريخية 1514 للجمعية العامة التي تضمنت “إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة”. وشاءت الصدف، أن تَمَّ اعتمادُ هذه اللائحة في 14 ديسمبر 1960، أي ثَلاثَةَ أيامٍ معدودات بعد المظاهرات العارمة التي عرفتها الجزائر في 11 ديسمبر من ذات العام، وهي المظاهرات التي زادت من صدى ثورتنا التحريرية، وَقَرَّبَتْ موعدَ استقلال بلادنا.  
وأخيراً وليس آخراً،علاقةٌ تَرَسَّخَتْ بالعهد الذي قطعتهُ الجزائرُ على نفسها حين انضمامها  لهذا المحفل الأممي، بأن لا تدخر جهداً  في سبيل المساهمة قولاً وفعلاً، مرافعةً وممارسةً، في سبيل إعلاء القيم والمبادئ التي قامت عليها ومن أجلها منظمةُ الأمم المتحدة.
وعلى هذا الأساس، فقد سجلت الجزائر طيلة العقودِ الست  الماضية حضورها  المتميز وانخراطَها الفعلي في جلّ الجهود الرامية لتحقيق المقاصد النبيلة المكرسة في الميثاق الأممي، في ظل منظومةٍ دوليةٍ كنا  ولا نزال ُنطالبُ باحتكامها لمبادئ المساواة السيادية، والترابطية المنصفة، والاحترام المتبادل، وتحريم المساس بالشأن الداخلي للدول.
ولنا فيما راكمته  الدبلوماسية الجزائرية من إرثٍ تاريخي مشهود ما يبعث على الفخر والاعتزاز:
في بلدٍ قاد المدَّ التحرري  ونال اعترافَ الجميع نظيرَ ما قدَّمَهُ من دعمٍ وسندٍ لكل من دخلوا مضمار الحرية والانعتاق وخاضوا معارك َالتحرير والاستقلال، وفي بلدٍ تَقَدَّمَ صفوق  المرافعين  والساعيين من أجل قيامِ نظامٍ عالمي جديد،  وفي بلدٍ حظي بشرفِ تقديمِ مساهمات بارزة في إطفاء فتيل العديد من الأزمات والنزاعات والصراعات على الصعيدين الإقليمي والدولي.  
واستلهاماً من هذا الإرث التاريخي، تعمل ُالجزائر اليوم، تحت قيادة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على تعزيزِ دورِها الدبلوماسي الإيجابي والبناء  على الساحة الدولية ، وكذا في مختلف فضاءات انتمائها العربية، والإفريقية، والمتوسطية.
ودليلُها في ذلك، وفاؤُها واخلاصها  للقيم والمبادئ التي صقلت  هوية  سياستها الخارجية. أمَّا القيم، فهي قيمُ الحرية، والعدالة، والتضامن، والتعاون. وأَمَّا المبادئ، فهي مبادئُ احتِرَامِ ميثاقِ الأمم المتحدة، والتقيُّدِ بالشرعيةِ الدولية، والوفاءِ بالالتزامات المعقودة.
إن عالمنا اليوم أحوجُ ما يكون للاهتداءات والاسترشاد  بمنظومة القيم والمبادئ هذه، لاسيما في ظل ما صار يسوم العلاقاتِ الدولية من تأزمٍ متعدد الأوجه والأبعاد:
فأمام تراجع العمل الدولي متعدد الأطراف، برزت النزعةُ الأحادية، وترسَّخ الانطواءُ على الذات، وتغلبت  الأنانيات، كخيارٍ لحماية المصالح الضيقة و الدفع بالأولويات الآنية ،
وأمام عجز منظومة الأمن الجماعي، طَغَى اللجوء ُالمفرط لاستعمال القوة كسبيلٍ لحل النزاعات وَفض الخلافات،
وأمام غياب سلطة القانون الدولي، عَلَتْ سلطة الامر الواقع كوضعٍ محتوم، يفرضه  القوي ُّعلى الضعيف، دون أن يجد هذا الأخيرْ ملاذاً يحتمي به، أو ملجأً ينصفه  منّ  ظلم من تجبر عليه.
إن هذه الملامح اللافتة لَتُجسد في مجملها وفي حيثياتها راهنَ القضية الفلسطينية بشكل خاص، وتطوراتِ الأوضاعِ في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام. فحربُ الإبادةِ المفروضةُ على الشعب الفلسطيني في غزة أغلقت بالأمس عامهما الأول بالتمام والكمال، والمجتمعُ الدولي المُتعاطفُ في غالبيته  العظمى مع الشعب الفلسطيني لا يجد سبيلاً لإنصاف هذا الشعب المظلوم، وهذا الشعب المقهور، وهذا الشعب المستضعف .
 أما مواقفُ القوى الدولية القادرةِ على التأثيرِ على مجرى هذا الصراع، فهي تتراوحُ بين  من يقف وراء الاحتلال داعماً  ومُؤَازِراً بالمال والسلاح، دون أي حدود، وبين من يتفهم ويبرر ويعلِّلُ وَيُرافعُ للإجرام الإسرائيلي، دون أي قيود.
وما كان لوضعٍ كهذا إلا أن يُكرسَ وَيُجَذِّرَ اللامساءلة  و اللامحاسبة و اللامعاقبة التي استباح بها الاحتلال الإسرائيلي لصالحه كُلَّ ما هو مُجَرّمٌ وَمُحَرَّمٌ ومُعاقبٌ عليه بالنسبة للآخرين كُلِّهِمْ.    
وما كان لوضعٍ كهذا إِلاَّ أن يُسْهِمَ بصفة مباشرة في تواصلِ وتفاقمِ وامتدادِ حرب الإبادة إلى الضفة الغربية، وسط  تصعيدٍ إسرائيلي محموم لم يَسْلَمْ مِنهُ أحدٌ في المنطقة: لا في سوريا، ولا في لبنان، ولا في اليمن، ولا في إيران.
وما كان لوضعٍ كهذا إلا أن يُغَذِّيَ في نَفْسِ المُحتلِ الإسرائيلي التَّجَبُّرَ والتَّسَلُّطَ والتَّغَطْرُسَ، وَهُوَ يَعِيثُ في المنطقةِ إجراماً وفساداً وطغياناً، متى شاء، وأينما شاء، وكيفما شاء، دون أن يلقى أَيَّ مانعٍ أو رادعٍ أو وازعْ.
وما كُنّا نخشاه من غزةٍ أخرى بعد غزة، وما كُنّا نخشاه من غزةٍ أخرى بعد غزة، يحدثُ اليومَ في لبنان الشقيق، حتّى تشابهت واختلطتْ علينا الصُّوَرْ، وما عُدنا نُمَيُّزُ غزةَ من لبنان، ولبنانَ من غزة. تشابهت واختلطت علينا الصُّوَرْ ، وما عُدنا نُمَيُّزُ غزة من لبنان، ولبنانَ من غزة.
وفضلاً عن كل هذا، تبقى أنظارُ المجموعة الدولية مُوَجَّهَةً صوبَ إيران، تحسُباً لتوسع رقعة الإجرام الإسرائيلي ونشوب صراعٍ إقليمي شامل ٍومفتوحٍ على كافة الاحتمالات والعواقب غير المحسوبة.

والأخطرُ من كل هذا وذاك، أن البعض صار يستكين  لقبول هذا الواقع المجحف  والخضوع له ، وكأنه أمرٌ محتومٌ لا يملكُ أمامه غير التعبير عنّ القلق، حين تغيبُ الشجاعةُ والإرادةُ للإدانة ِو الشجب  والاستنكار. وحتى أولئك الذين انتهى بهم المطافُ مؤخراً بإدراك حقيقةِ الاحتلال الصهيوني، وفَضاعَتِهِ وخطورةِ مآربه، صاروا هدفاً لاستفزازاته وتهجُّماتِهِ مقابلَ القليل ِوالبسيطِ والمتواضع مِمَّا تَجَرَّؤُوا التعبيرَ عنه.  
لقد شاءت الأقدار أن تنضم الجزائر لمجلس الأمن في ظل هذه الأوضاع المأساوية بالنسبة للشعب الفلسطيني في جميع أراضيه المحتلة، وبالنسبة لبقية أشقائنا في دول الجوار الفلسطيني. ولذا، فقد أصدر السيد رئيس الجمهورية، تعليمات صارمة بأن تجعل الجزائر من نصرة القضية الفلسطينية ومن التصدي للجرائم الإسرائيلية في المنطقة شغّلها الشاغل، وأولويةَ أولوياتها، ومبلغ جميعِ تحركاتها، منذ بداية عهدتها بالمجلس مطلع العام الجاري.
وأود أن أؤكد من هذا المنبر، أن الجزائر ستبقى تطالب بعقّد الاجتماع تلو الاجتماع، واتخاذ ِالمبادرة تلو المبادرة، وطرحِ الفكرة تلو الفكرة، لإنه لا مناص من اضطلاع مجلس الأمن، وكذا الجمعية العامة، بالمسؤولية الملقاة على عاتقه ماتجاه الشعب الفلسطيني وتجاه كافة دول وشعوب المنطقة التي تطالُها يدُ العدوانِ الإسرائيلي. وهي فعلاً يدٌ طويلةٌ، في الإجرام والتنكيل والإبادة.
وذات القناعة بواجبِ اضطلاعِ الأممِ المتحدةِ بمسؤولياتِها كاملةً، تبقى ثابتةً فينا عندما يتعلق الأمر بقضية الصحراء الغربية، آخرُ مستعمرة ٍفي القارة الإفريقية، وأقدمُ نزاعٍ في جوارنا الإقليمي. فمنذ  اربعة أيام فقط، انتصرت أعلى هيئةٍ قضائية أوروبية للشعبِ الصحراوي، وَنَسَفَتْ، بما تبنته من قرارات، خمسةَ عقودٍ من المحاولاتِ اليائسة لطمس ثوابتِ هذه القضية بهدف تكريسِ الأمرِ الواقعِ الاستعماري.  لقد جاءت القراراتُ الأخيرة من لدن محكمة العدل الأوروبية لتؤكد حقائق  راسخة اقرتها  محكمة ُالعدل الدولية منذ ما يشارف الخمسين عاماً: فالقضيةُ الصحراوية تبقى قضيةَ تصفية ِاستعمار، والشعبُ الصحراوي يبقى مؤهلاً  لممارسةِ حقه غير القابل للتصرف أو التقادم في تقرير مصيره،
وخرافة الحكمِ الذاتي لا يمكنّ  أن تؤسّس لأي حلٍّ، كونها تتنافى أصلاً وَحَقَّ تقريرِ المصير، والتصفيةُ النهائية لهذا النزاع لا يمكن أن ينتجها سوى مسارُ مفاوضاتٍ مباشرة بين طرفي النزاع، جبهةُ البوليساريو، كممثل شرعي ووحيدٍ للشعب الصحراوي، والمملكةُ المغربية، بصفتها الطرف القائم بالاحتلال الاستعماري في أرض الصحراء الغربية.
نعم، هذه هي الحقائق، وهذه هي الثوابت، التي تظل مزعجةً لمن اعتادوا ترويج الباطل حتى صدقوه.
والغرابةُ ككل الغرابة، ونحن نُتابع ردود الفعل إزاء قرارات محكمة العدل الأوروبية، أن نسمع أصواتَ دُوَلٍ أعضاء في هذه الهيئة، تحاول  اقناعنا بأنّ الصفقات التجارية تعلو ولا يُعلى عليها، حين يتعلق الأمر بالصحراء الغربية.
 يُقال أن العقد شريعة المتعاقدين(Pacta Sunt Servanda)، وهاهو الإتحاد الأوروبي يُطلُّ علينا جازما أن شريعة المتعاقدين تعلو على قواعد القانون الدولي الآمرة (Que la loi des contrats prime le Jus Cogens)، بل وحتى على الأحكام التي تنطق بها أعلى هيئة قضائية أوروبية.
والأدهى أن كلّ هذه الإختلاقاتِ وَالْبِدَعْ يتم التبريرُ لها بالعلاقة الإستراتيجية مع المملكة المغربية ، وبالمصالح القائمة مع هذا البلد، وبالأطماع المتعاظمة في افتِراسِ خيرات ِوثرواتِ الصحراء الغربية. في حين، أننا نتحدث عن دُوَلٍ نصبت نفسها حارسةً لمبادئ دولة الحق والقانون، وتظاهرت بِأَشَدِّ التمسك ِبالشرعية الدولية، وَزَعَمَتْ أنها من أَلَدِّ المدافعين عن حقوق الإنسان في كل مكان وزمان.  
 أما فيما يخص منطقة الساحل الصحراوي، وهي تواجه ظروفاً صعبة ليست بالهينة وليست بالعابرةِ وليست بالعرضية ، من جراء مختلف التحديات الأمنية والسياسية والتنموية والبيئية، فإن الجزائر تجدد التأكيد أنها لن تدير ظهرَها، ولن تنأى بنفسها، ولن تبخلَ بجهودِها للتأثير إيجاباً علّى مجريات الأمور في جوارها.
ومثلما كان حالها على الدوام، لن تكونَ الجزائر إلا عوناً لأشقائها في هذا الفضاء الساحلي، ولن تكونَ إلاَّ سنداً لاستقلالِ وسيادةِ وحُرمَةِ تُرابِ دُوَلِ هذا الفضاء، ولن تكونَ إلا دعماً لكل ما من شأنه أن يصب  في خدمة أمنِ واستقرارِ ونماء ِهذه المنطقة بأكملها.
 ولمن يحاول  تعكيرَ صفو الأجواء وبث  السم  بين الأشقاء، فإننا نؤكد  أن ما يجمع الجزائر بدول  وشعوب جوارها الساحلي من روابط  متجذرة أقوى من أن يتأثر أو يهتز بمثل هذه المناورات المكشوفة والألاعيب المفضوحة، التي إن دلت على شيء، إنّما تدل على جهل من يقفُ وراءَها وعلى قِلَّةِ دِرَايَتِهِ بتاريخ المنطقة وماضيها، القريب ِوالبعيدْ. وهو التاريخُ الذي رسخ دَوْرَ الجزائر ووقوفها إلى جانب أشقائها في كل الظروف والأوقات، بِسَرّائِها وضرّائِها.
 وعلى الصعيد القاري الأشمل، فإن الجزائر تواصل التعويل على العمل الإفريقي المشترك لرفع الرهانات التي يمليها  الظرفُ الحالي، مع كل  ما ينفثه  فينا من آمال وطموحات، وما يواجهنا به من تحدياتٍ وإكراهات.
فمِمَّا لا شك فيه، أن قارتنا قد حققت في الآونة الأخيرة مكاسبَ لا يستهانُ بها، سواءً تعلق الأمرُ بالتقدم المُحْرَزِ في تفعيل منطقة التجارة الحرة الإفريقية، أو بظفر الإتحاد الإفريقي بمقعدٍ دائم في مجموعة العشرين، أو بالاستجابة لمطالب قارتنا المتعلقة بتمويل العمليات الإفريقية لدعم السلم فيها، أو حتى بالاختراق الذي تم تحقيقه مؤخراً في ملف إصلاح مجلس الأمن ورفع الظلم التاريخي بتحسين تمثيل قارتنا في هذه الهيئة الأممية المركزية.
غير أن هذه المكتسبات لا تَحْجِبُ عن خُلْدِنَا حجم َالتحدياتِ التي لا تزال تلقي بظلالها على كافة ربوع قارتنا، في مجالات السلم والأمن والتنمية المستدامة على حد سواء.
وبقدر قناعتنا  بحاجةِ قارتنا  لتفعيل حلولٍ إفريقية ٍللمشاكلِ الإفريقية، فإننا مقتنعون  كذلك بحتمية إنهاء تهميشِ الدول الإفريقية في المؤسسات الدولية المالية والنقدية، وبضرورة سد العجز المتفاقم في التمويل الدولي للتنمية في إفريقيا، وكذا بلزوم ضمان المعالجة الهيكلية للمديونية الإفريقية.
وبذات القدر من الالتزام الذي تَحْشُدُهُ على الصعيد القاري، تواصل  الجزائر مساعيها وجهودها الرامية لإقامة شراكة متوازنة ونافعة وهادفة في جوارها المتوسطي، ومع الإتحاد الأوروبي على وجه الخصوص:
 شراكةٌ نريدها أن تمتثل تمام الامتثالْ لمبدأ  توازن مصالح الطرفين،
وشراكةٌ نُريدُها أن تضع نُصْبَ أولوياتِها دَعْمَ جهود التنميةِ الاقتصادية في بلادنا دون أي قيود، ودون أي شروط، ودون أي عوائق،
 وشراكةٌ نُريدُها أن تَتَجَاوَزَ منطقَ الربحِ التجاري الفوري، لتندرجَ في تَصَوُّرٍ استراتيجيٍّ أشمل، قِوامُهُ التنمية المستدامةُ بأتم معانيها.
 وكما جاء منذ يومين على لسان السيد رئيس الجمهورية، فإن الجزائر تتطلع إلى الشروع في مراجعة اتفاق الشراكة الذي يجمّعها مع الاتحاد الأوروبي، في جوٍ من الثقة والسلاسة والتفاهم، لإعادة التوازنات المطلوبة في هذا الاتفاق، ولتمكينه من التماشي مع الواقع الاقتصادي الجديد لبلادنا، ولتأهيله كأداةٍ ناجعةٍ لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة.  
 وفي كل فضاءات الانتماء هذه، وخارج هذه الفضاءات، ستواصل الدبلوماسيةُ الجزائرية العمل، تحت توجيهات السيد رئيس الجمهورية، من أجل تعزيز العلاقات التي تَجمعُ الجزائرَ مع أشقائِها وأصدقائِها وشُركائِها، وَضَمِّ جُهودِها مَعَهُمْ في سبيل رفع التحديات الكبرى التي ترمي بِثُقلها على المجموعةَ الدوليةَ في المرحلةِ الراهنة.
فهذه التحديات لها من الجسامة والخطورة والفداحة، ما لا يَحْتَمِلُ التوجهَ نحو الاِنْزِوَاءْ، أو الانطواء، أو اللامبالاة. فالجميعُ مُتضررٌ، والجميعُ معنيٌ، والجميعُ مطالبٌ بالسعي لتغيير الأمور نحو الأفضل. والجزائرُ لن تكون إلاَّ طرفاً فاعلاً في هكذا مسعى !      
شكراً على كرم الإصغاء، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: