تعود العاصمة البلجيكية بروكسل إلى واجهة النقاش الأوروبي هذا الأسبوع، بعدما أعلنت فعاليات من الجالية الصحراوية وعدد من المنظمات الحقوقية عن تنظيم وقفة احتجاجية حاشدة يوم 10 ديسمبر، للتعبير عن رفضها لاتفاقية تجارية أبرمتها المفوضية الأوروبية مع المغرب، وتشمل موارد مستخرجة من الصحراء الغربية. المبادرة، التي وصفتها وكالة الأنباء الصحراوية (واص) بـ”تحرك شعبي غير مسبوق”، تحمل رسائل سياسية وقانونية متصاعدة داخل القارة.
وبحسب المصدر نفسه، فإن هذه الوقفة ليست مجرد فعل احتجاجي، بل تأتي في سياق أوسع من إعادة طرح ملف الصحراء الغربية داخل المؤسسات الأوروبية، خصوصًا بعد الجدل الذي خلّفه توقيع المفوضية على الاتفاق في أكتوبر الماضي، فقد أثار تجديد الاتفاقية موجة من التساؤلات داخل الأوساط البرلمانية الأوروبية، إذ اعتبر نواب وخبراء قانونيون أن القرار “يفتقر إلى السند القانوني” بالنظر إلى حكم محكمة العدل الأوروبية الصادر سنة 2024، والذي شدّد بشكل صريح على ضرورة موافقة الشعب الصحراوي على أي اتفاق يمس موارده الطبيعية.
وفيما تنشغل المفوضية الأوروبية بالرد على الانتقادات، تستعد منظمات داعمة للقضية الصحراوية لإسماع صوتها مباشرة أمام مقر المفوضية، كما ستتخلل الوقفة خطابات لشخصيات سياسية أوروبية وحقوقيين، إضافة إلى ممثلين عن الصحراويين، بهدف الضغط على مؤسسات الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف يتماشى مع مبادئ القانون الدولي، ومن المتوقع أن يُسلّم المشاركون بيانًا رسميًا يطالب بمراجعة الاتفاق واحترام قرارات القضاء الأوروبي.
وعلى مستوى موازٍ، يفتح البرلمان الأوروبي نقاشًا من زاوية أكاديمية-استراتيجية خلال ندوة يعقدها بالتزامن مع الاحتجاج، تتناول تأثير الاتفاق التجاري على مسار التسوية الأممية وقضايا تقرير المصير، ومن المرتقب أن يشارك في اللقاء قانونيون وأكاديميون متخصصون في العلاقات الأوروبية-المغاربية، للبحث في مآلات الاتفاق ومستقبل الالتزام الأوروبي بالقرارات القضائية المتعلقة بالصحراء الغربية .
وتأتي هذه التطورات بينما تشهد مؤسسات الاتحاد حالة من الترقب، في أعقاب تصويت برلماني بارز نهاية نوفمبر الماضي أظهر معارضة واضحة داخل البرلمان الأوروبي للاتفاق المثير للجدل، هذه التحولات، وفق مراقبين، تجعل بروكسل أمام اختبار سياسي وقانوني جديد قد يعيد رسم ملامح الموقف الأوروبي تجاه قضية الصحراء الغربية.
