الحدثمجتمع

الفاتح من نوفمبر… ميلاد وطن ” الجزائر أمانة الأجيال”

لم يكن فجر الفاتح من نوفمبر 1954 حدثًا عابرًا في تاريخ الجزائر، بل كان نقطة تحوّل حاسمة صنعت مرحلة جديدة من الوعي الوطني والنضال الجماعي. في تلك الليلة التاريخية، ارتفعت صيحة الحرية من جبال الأوراس لتنتشر في كل بقاع الوطن، معلنة بدء الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي الغاشم الذي جثم على صدر الجزائريين لأكثر من قرن وثلاثة عقود. لقد كان قرار الثورة ثمرة تراكمات طويلة من النضال السياسي والفكري والتنظيمي، ومسارًا ممهورًا بإيمان راسخ بأن الحرية لا تُستجدى، بل تُنتزع انتزاعًا.

جاءت الثورة التحريرية لتوحِّد الشعب الجزائري بمختلف مكوناته حول هدف واحد وهو استرجاع السيادة الوطنية حمل المجاهدون أرواحهم على أكفهم، وواجهوا جيشًا استعماريًا مدججًا بالسلاح، لكن ما كان في قلوبهم من يقين أقوى من كل ترسانة. كانت المعركة معركة إرادة قبل أن تكون مواجهة سلاح، ومع ذلك نجحت الثورة في إعادة رسم معادلة القوة على الأرض، وأجبرت العالم على الاعتراف بعدالة القضية الجزائرية.

ومع حلول الذكرى ال71 لاندلاع هذه الملحمة، تقف الجزائر وقفة وفاء واعتزاز أمام تاريخها المجيد، إنها ليست مجرد ذكرى ، بل محطة للتأمل في مسيرة شعب استطاع أن يحوّل معاناته إلى انتصار، وأن يكتب بدماء أبنائه أروع صفحات الحرية، إن رسائل نوفمبر تبقى حيّة تحمل في طياتها الوحدة قوة، والإيمان بالقضية أساس النصر، والوطن أمانة لا تُفرّط فيها الأجيال.

اليوم، ونحن نعيش في كنف دولة مستقلة ذات سيادة، لا بد من استحضار روح نوفمبر في بناء الحاضر وصناعة المستقبل، فالحفاظ على الوطن لم يعد يقتصر على حمل السلاح كما كان بالأمس، بل بالعلم والعمل والإصلاح والوعي والمسؤولية والإلتزام، إن الجزائر التي ولدت من رحم الثورة تستحق من أبنائها أن يواصلوا مسيرة البناء بنفس الروح التي فجّر بها الأجداد الثورة.

رحمة الله على شهدائنا الأبرار الذين صنعوا فجر الحرية، وتحية تقدير للمجاهدين الأحياء الذين لا تزال سيرتهم تضخ في الذاكرة الوطنية قيمة الانتماء والوفاء.

نوفمبر ليس تاريـخًا فقط…

إنه روح شعب لا يرضى إلا بالعزة والكرامة

فسلام على نوفمبر…

وسلام على الجزائر التي لا تنحني إلا لخالقها

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

والعزة والرفعة للوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: