برزت الجزائر وحققت إنجازًا استثنائيًا في مجال تحلية المياه، متفوقة على دول الجوار والعديد من الدول الإفريقية والعربية، بفضل استراتيجيتها الطموحة التي تعتمد على القدرات المحلية والتنفيذ الفعّال. في هذا السياق، أشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الخميس، على تدشين تاريخي حيث تم افتتاح مصنع تحلية مياه البحر “الرأس الأبيض” في ولاية وهران، وهو الأضخم في الجزائر.
هذا الإنجاز التاريخي يؤكد قدرة الجزائر على تحقيق مشاريع عملاقة بفضل كفاءاتها الوطنية ورؤيتها الطموحة، مما يعزز مكانتها كدولة قادرة على مواجهة التحديات وتأمين احتياجاتها، حيث يُضاف هذا المشروع لسلسلة من محطات التحلية، ما يعكس التوجه الجديد للجزائر نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في الموارد المائية .
وخلال زيارته إلى ولاية وهران، التي تخللتها مراسم تدشين هذا المصنع التاريخي، أثنى رئيس الجمهورية على سرعة الإنجاز، حيث تم استكمال المشروع في أقل من 26 شهرًا. وأوضح أن هذا التقدم السريع يُجسد “الجزائر المنتصرة”، مؤكداً أن البلاد دخلت مرحلة تنفيذ مشاريع كبرى باستخدام أحدث التقنيات وفي آجال قصيرة.
وأضاف الرئيس تبون أن هذا المشروع لم يكن ليتحقق لولا الجهود الجبارة التي بذلها جميع العاملين، من أدنى المستويات إلى أعلى المناصب، فعلى عكس المشاريع الكبرى السابقة فقد تم إستكمال المشروع دون اللجوء إلى شراكات أجنبية ما مكن توفير نحو مليار دولار . فقد تم إسناد عملية البناء إلى فروع تابعة لمجمع سوناطراك ومجمع كوسيدار، نظرًا لما تتمتع به الشركات الجزائرية من خبرات في مجالات الهندسة والتصميم والتنفيذ.
وتكمن أهمية هذا المخطط، ليس فقط في تعزيز القدرة الإنتاجية الإجمالية للمحطات الخمس التي تصل إلى 1.5 مليون متر مكعب يوميًا مع تأمين احتياجات نحو 15 مليون مواطن من المياه الصالحة للشرب، ولكن أيضًا في رفع نسبة مساهمة المياه المحلاة في تلبية احتياجات السكان إلى 42% مقارنة بـ18% في الوقت الحالي.
ويشمل هذا المخطط إقامة محطات تحلية مياه البحر في كل من الطارف (كدية الدراوش)، بجاية (تيغرمت- توجة)، بومرداس (كاب جنات)، تيبازة (فوكة)، إلى جانب وهران (الرأس الأبيض). وتبلغ تكلفة هذه المشاريع حوالي 2.4 مليار دولار، ومن المتوقع أن ترفع إنتاج الجزائر من المياه المحلاة من 2.2 مليون متر مكعب يوميًا إلى 3.7 مليون متر مكعب يوميًا.
بعد هذا الإنجاز التاريخي لايسعنا القول إلا أن جزائر اليوم ليست كجزائر الأمس، فهي الدولة المنتصرة التي تمكنت من تحقيق إنجازات كبرى على مختلف الأصعدة، سواء اقتصاديًا أو عسكريًا أو دبلوماسيًا. وبفضل حنكة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون وتوجيهاته الرشيدة، تمكنت البلاد من تعزيز سيادتها الاقتصادية بعيداً عن التبعية، وترسيخ مكانتها كقوة إقليمية مؤثرة. هذه النجاحات تؤكد أن الجزائر تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أكثر ازدهارًا .
